الكيان اللبناني مهدّد إذا لم نتحرّك

سلوى بعلبكي – النهار الجمعة 22 شباط 2013

 لم تكن مقاطعة الهيئات الاقتصادية للحوار مع الحكومة استقالة من مسؤولياتها، بل هي "صرخة وجع للتحذير من سوء الأوضاع الاقتصادية". وهذه الصرخة وفق رئيس جمعية الصناعيين نعمة افرام، تعني في الوقت عينه أنه لا يزال في إمكاننا التحرك للإنقاذ قبل فوات الأوان.
صناعيا، ورغم تراجع الصادرات الصناعية نحو 12% في 2012، إلا أن ارتفاع نسبة الاستهلاك المحلي عوض هذا التراجع. التفاصيل في الحوار الآتي:

حذرتم من صعوبة الوضع الاقتصادي، ما هي مبرراتكم لإطلاق هذا التحذير؟

المؤشرات الاقتصادية أكبر برهان على ذلك. والصرخة التي نطلقها نابعة من كوننا مراقبين اقتصاديين، ونشعر بالقلق مما نراه. 

ضميري المهني يجبرني على أن أحذر من الأرقام التي وصلنا إليها حيال العجز والدين العام والموازنة التي يذهب 50% من أرقامها خدمة للدين وسد عجز الكهرباء. أي ما يقارب الـ 6.5 مليارات دولار من أصل 13 مليارا (حجم الموازنة) يذهب إلى أماكن غير مجدية. 

ألا تعتقدون أن الأوان قد فات؟

الصرخة لا تزال تفيد. ولكن عندما نتوقف عن الصراخ، فإن ذلك يعني أننا فقدنا الأمل في الإصلاح. حاليا، لا يزال في مقدورنا فعل شيء ما. ولكن إذا لم نقرر بسرعة، فإن الوضع سيتفاقم خصوصا أنه يتزامن مع المشكلات الأمنية، وسنصل إلى ما لا يحمد عقباه. وقد يترجم ذلك بأمور كثيرة تهدد الكيان اللبناني، وتؤدي إلى انحلاله.

كيف ستواجه الهيئات المعوّقات التي تحول دون نمو الاقتصاد، بعدما أقفلت باب الحوار مع الحكومة؟
عندما تأكدنا من الشلل العام في الدولة، وجدنا أن الحل الأفضل هو الانكفاء نحو تعزيز القطاع الخاص، كونه المنقذ للبنان. من هنا، انكببنا كجمعية صناعيين على العمل على المحافظة على فرص العمل وإيجاد مبادرات خاصة إن على المستوى الفردي أو على مستوى القطاعات الصناعية. وقد أطلقنا حملة إعلانية للتوعية لتشجيع استهلاك المنتجات المحلية للتخفيف من الاستيراد. ونعمل كذلك على فتح أسواق جديدة. الحق يقال، وجدنا تجاوبا من رئيس الحكومة ومن بعض الوزراء المعنيين، ونطمح معهم لتأسيس "يوم وطني للاستهلاك اللبناني".

 كذلك طرحنا مشروعا لإنتاج الكهرباء وبيعها للدولة أسوة بالشركة التركية ولكننا لا نزال في انتظار موافقة مجلس الوزراء.

ما هي المعوّقات التي تحول دون الموافقة على مشروع إنتاج الكهرباء؟

اعتقد أن الشلل الذي تتخبّط فيه الدولة هو المعوّق الأبرز، وربما ينطبق عليها كذلك المثل القائل "الكنيسة القريبة ما تشفي".

ألا تشعرون بأن خطاب بعض الهيئات يعرّض الاقتصاد للانكشاف على الوضع السياسي الخطر؟
لا أؤيد أن يكون للهيئات أجندة سياسية. ولكن أنا معها بما تجمع من أشخاص خبراء بالاقتصاد، أن نحذر من حجم المخاطر. ومقولة أنه يجب أن لا نتكلم على الواقع، هو أشبه بمن يطلب من الطبيب المعالج عدم إخبار المريض بمدى خطورة حالته. علما أن التجارب بينت انه عندما يصارح الطبيب مريضه يكون العلاج أسهل.

القطاع الصناعي تحديدا؟ هل يتأثر بالاستقرار السياسي أو باضطراب الأحوال الأمنية في سوريا؟
القطاع الصناعي يعتمد على عاملين أساسيين: التوظيف والاستهلاك، وهما موضوعان يترجمان على المديين القصير والبعيد. لا شك في ان المشكلات في سوريا زادت نسبة الاستهلاك المحلي وأعطى نوعا من الاوكسيجين للصناعة. أما على المستوى البعيد الذي يقاس بنسبة التوظيفات واستقطاب رؤوس الأموال، فإننا نلاحظ تدني التوظيفات في الآلات الصناعية بسبب القلق من البيئة السياسية والأمنية.

ما هي آخر أرقام الصادرات الصناعية التي تراجعت منذ بدء المعارك في سوريا؟ 

الأرقام المتوافرة لغاية 30 تشرين الثاني 2012، تشير إلى ان قيمة الصادرات بلغت مليارين و688 مليون دولار، في حين وصلت إلى 3 مليارات دولار في الفترة عينها من 2011. لكن، رغم تراجع الصادرات نحو 12% بسبب الأزمة السورية، الا ان وضع الصناعة لم يتأثر على اعتبار ان نسبة الاستهلاك زادت.

*إلى أي مدى تفاعلت الصناعة الوطنية مع مبادرة مصرف لبنان (ضخ 1,4 مليار دولار)؟

التسليفات المدعومة ليست جديدة على القطاع الصناعي، ولكننا نطالب بدعم المصاريف التشغيلية للتصدير أسوة بالآلات الصناعية. وفي حال نجحنا بذلك، نكون قد أضفنا دعما جديدا لتحفيز الصناعة المحلية.

ما هي سبل تعويض الخسائر التي أصيب بها الاقتصاد؟

نهدر كل سنة نحو 6 مليارات ليرة لا يمكن تعويضها، وهذه الأرقام تترجم بالدين العام. لذلك يجب أن نتخذ قرارات بوقف الهدر في الكهرباء وتطبيق القانون 462. ويجب أن نفعل التوظيف الذكي في البنى التحتية، وهذا لا يمكن ان يحصل الا عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص. فحجم الاقتصاد كبر إلى درجة لم تعد البنى التحتية الحالية تستوعبه. والاهم من كل ذلك، ان نعالج أسباب الخلل والشلل العام الذي يعاني منه النظام الإداري. من هنا، أطلقنا مبادرة "لبنان الأفضل" وهي مبادرة وطنية، اجتماعية واقتصادية للتجدد في العقد الوطني.
يقال ان مقاطعة الحوار الاقتصادي هو "استقالة" للهيئات من مسؤولياتها؟

تعليق الحوار، ما هو الا صرخة كبيرة أطلقتها الهيئات للتحذير من خطورة الوضع الاقتصادي. لكن، رغم المقاطعة فإن العلاقة بين رئيس الحكومة والهيئات تعتبر علاقة عائلية وحميمة، وعادة يحصل هذا العنف في مثل هذا النوع من العلاقات.بالنسبة إلي كرئيس لجمعية الصناعيين، فلا يسعني الا ان أثمن للحكومة رؤيتها الجيدة للقطاعات الإنتاجية وتعاطفها الكبير معها.

ثمة صناعيون سوريون يلجأون إلى مصر وغيرها من الدول لإنشاء مصانع فيها، لماذا لا يعمل لبنان على استقطابهم؟

نحاول أن نستقطبهم، ولكن البنى التحتية الموجودة والتأخر في إنشاء المناطق الصناعية يحولان دون ذلك. لذا، نعمل كجمعية على مشروع مدن صناعية خاصة كي نستقطب الصناعيين من الداخل والخارج، نحن في صدد وضع ا

تواصــــــــل معنا