طرابلس تحاور نعمة افرام

نظم رئيس غرفة طرابلس ولبنان الشمالي توفيق دبوسي، لقاء وحوارا "متعدد الأفكار والطروحات والخيارات الإقتصادية والإجتماعية والإستثمارية"، شارك فيه رئيس "المؤسسة المارونية للانتشار" نعمة افرام، في القاعة الزجاجية الكبرى للغرفة.

حضر اللقاء مقبل ملك ممثلا الرئيس نجيب ميقاتي، أحمد الصفدي ممثلا النائب محمد الصفدي، مدير مرفأ طرابلس أحمد تامر، رئيس تجمع سيدات الأعمال ليلى سلهب، رئيس إتحاد بلديات الضنية محمد سعدية، مستشار الرئيس سعد الحريري الدكتور نادر غزال، والمستشارة غادة إبراهيم، والمهندس الزراعي محمد حسن، ورؤساء، وأعضاء مجالس بلديات الفيحاء، وممثلو الهيئات والجمعيات والبلديات.

دبوسي

بداية، أشار دبوسي إلى أن "طرابلس مدينة مظلومة ومهما تكلمنا عنها وحولها نبقى مقصرين بحقها تماما، ولكن طرابلس من بعيد هي غيرها من قريب، ذلك أن الظلم قد لحق بها عن بعد، اما عن قريب فهي مدينة الفكر والإنفتاح والإيمان بالآخر وبالشراكة اللبنانية، وإننا في هذه المدينة شركاء على المستوى الكوني، ولقد آمن آباؤنا واجدادنا بذواتهم فإنتشروا في مختلف أرجاء المعمورة، ليسجلوا قصص نجاح رغم إمكانياتهم المتواضعة حينذاك، وذلك من أجل التاكيد أن لبنان وطن الرسالة كما وصفه البابا يوحنا بولس الثاني".

وأضاف: "أؤكد لأفرام أن الرأي العام لو علم بمجيئكم الى طرابلس بشكل واسع، لما إتسعت القاعة للحشود التي ترغب بالإستماع الى حديثكم، فأنت رمز للشخصية اللبنانية التي نجحت على المستوى العائلي من خلال سلسلة متواصلة من الإهتمامات بدأت بمقاربة الإقتصاد والإهتمام بالقضايا البيئية، وكذلك الإهتمام بالإنسان محور الكون، بعلم ومعرفة وصحة تفكير، وعمل مميز خارج لبنان وداخله وطاقات يستثمرها لمصلحة الانسان اللبناني، لا سيما إستثماراته وتوفيره لأكثر من 4 آلاف فرصة عمل، وهي مصدر إعتزاز وإكبار لنا بشخصية لبنانية وطنية تعمل على ترسيخ دعائم العيش الوطني الواحد".

وتابع: "نؤكد له أيضا أن طرابلس ليست مدينة العنف، ولم يكن خيارها عنفي في أي مرحلة من مراحل تاريخها، وهي عنوان كما كل المناطق للتعايش والشراكة وإعطاء الصورة الواقعية لشعب متعاون مؤمن بذاته، بإنسانيته وبوطنيته"، متوجها للعالم بالقول: "طرابلس بعيدة عن العنف كليا، وهي مدينة الأمن والإستقرار رغم كل قوى الأمر الواقع التي تناوبت على التسبب بالتوترات فيها، وألحقت الاذية بها وبدورة حياتها اليومية، وهي تشكل قيمة مضافة في التركيبة الوطنية بل بالتركيبة الكونية".

وختم: "اليوم يسعدنا أن نستقبل في طرابلس رجل الأعمال نعمة أفرام الماروني، والشخصية المارونية التي لم تقبل إلا أن تطل على الراي العام من قلب طرابلس، وفي ذلك رسالة مزدوجة بالإتجاهين من طرابلس الى أفرام، ومنه الى أهلنا في كل الوطن".

أفرام

من جهته، أكد افرام أن "طرابلس برهنت في كل مفترق طرق من مسيرتها التاريخية، انها مدينة الوفاء بالفعل، وأنها إختارت لبنان رغم كل الإغراءات الكثيرة التي أغوتها ولكنها بقيت حجر الزاوية في بناء لبنان. ولقد تاكدنا خلال السنوات الأخيرة مدى إلتزامها بلبنان"، مشددا على أن "دورها أساسي فيه، ويسعدني أن أتحدث في طرابلس عن مسائل أراها محورية هي مسألة الإنتشار اللبناني من كل الطوائف في العالم، ويستدعي منا تعزيز التواصل لنستفيد من خبرات اللبناني في الخارج ونجاحاته وكذلك لإحتفاظه بصورة لبنان الجميلة في قلبه، فالنجاحات متعددة وهي مصدر فخر لنا، ولكن مما يؤسف له أن اللبنانيين في أغلبية الأوقات لم يكن لبنان على قدر أحلامهم ومستوى طموحاتهم".

وأضاف: "لنتطلع الى الفارق بين الآمال والواقع وكيفية العمل على تبديل هذا الواقع، لأننا لا زلنا نفتخر باللبنانيين، فالمغتربين بإمكانهم مساعدتنا وكذلك المقيمين ولكن يبقى علينا العمل معا على تغيير الواقع اللبناني خصوصا إذا اردنا أن نرى بمنظار القيمة الإنتاجية المتكاملة، وإذا أردنا في السياق نفسه رفع المستوى المعيشي والحياتي للبنانيين ونطور مجتمعهم لا ان نضيع في حسابات المحاصصة، وكيف يمكن لنا ان ناخذ من بعضنا البعض، ونتصور ان الميثاق الوطني لا يقتصر على التعايش فقط بل على العمل المنتج، وعلى قيم الإبداع خصوصا إذا اردنا أن نقوم بإعداد الترتيبات التي تجعل لبنان ملاذا آمنا لنا ولاولادنا، لا أن نورثهم بيئة متوترة وملوثة ونسبة دين عام تتراوح ما بين 80 الى 90 مليار دولار".

وتابع: "أمام هذه الحال، التغيير بات ضروريا لأن المستقبل يتم صنعه اليوم، وهذا هو المطلوب. واللقاء بحد ذاته يعزز هذه الصورة وهذا المسعى ليتم ترجمته على أرض الواقع لاننا لا نريد لبنان الملوث بالنفايات بل لبنان الاخوة والمحبة، والذي يعتذر من اخوانه في الخارج لانه لم يكن على مستوى تطلعاته وطموحاته، حينما ترك اللبنانيون بلدهم في الماضي البعيد لم يتركوه بإراداتهم او بقناعاتهم بل مكرهين على الهجرة، ولكن يبقى الأمل والتفاؤل المستمدين من هذا اللقاء الجامع الذي نكمل فيه مسيرة جمعية الصناعيين اللبنانيين، مبدين تقديرنا وإعجابنا بهذه الديناميكية الرائدة التي تتصف بها غرفة طرابلس ولبنان الشمالي وفي قيادتها دبوسي والانشطة التي تسجل فيها يوميا، ولكم نتمنى ان تنسحب هذه الديناميكية لتستفيد منها مناطقنا. لذلك التهنئة القلبية لدبوسي والشكر على الإستضافة التي أتاحت لي فرصة اللقاء بهذا الحضور".

حوار

ثم فتح باب الحوار مع الحاضرين، فركز افرام على "ضرورة العمل الجاد على إيجاد فرص عمل للناشئة لوضع حد للبطالة، وأن توفير 30 ألف فرصة عمل عدد يساعد على تحريك عجلة الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية" مشيرا إلى أن "العنصر النسائي العامل في "مجموعة افرام الصناعية" نسبته كبيرة".

وفي ما يتعلق بتأخر لبنان عن الإنضمام الى منظمة التجارة العالمية، أوضح أفرام أن "السبب كامن في المخاوف اللبنانية بان لا تعود حماية الصناعة الوطنية والمنتج اللبناني متوفرة لإشتراطات منظمة التجارة العالمية، التي يتاثر بها لبنان سلبا في بعض منتجاته".

 

وأكد أن كل "المحاور الأساسية التي تمحور حولها اللقاء كامنة في مبادرته الوطنية التي تتلخص بالتوجه نحو "لبنان الأفضل" التي أطلقها عام 2014".

في الختام، قدم دبوسي درعا تقديرية لافرام "عربون إكبار لدوره الرائد في توفير فرص العمل وتوظيف إستثماراته داخل لبنان وخارجه".

وكان عقد لقاء سبق الندوة في مكتب دبوسي، الذي اعرب عن سروره بـ"أن نستضيف ونلتقي شخصية إقتصادية علمية بيئية مميزة في مدينة طرابلس التي أحبته منذ أن أعلن ترشيحه لرئاسة جمعية الصناعيين اللبنانيين، والتي تركت هذه الخطوة اثرا إيجابيا على مستوى العمل الإقتصادي والصناعي".

ولفت الى أن كل الموجودين بيننا " لم يدعوا بل تداعوا حتى يشاركوا في إستقبال افرام، وليستمعوا الى أفكاره وآرائه ويطلعوا على مسيرته الريادية في مختلف المجالات، لا سيما على مستوى إهتمامه بالشأن العام تصاحبه مشاعر الوطنية التي ترافقها طموحات عالية لا سقف لها".

بدوره، أشار افرام الى أن "طرابلس تبقى صورتها جميلة رغم كل الظروف القاسية التي مرت عليها، وهي بالفعل مدينة جميلة بتنوعها، ونموذج مصغر عن لبنان هذا الوطن الذي له صورتان مختلفتان تتسم بالنظرة الجمالية اليه من الخارج والنظرة غير المستحبة التي لا يريدها أبناؤه على المستوى الداخلي، وهذا ما يدفعنا الى ضرورة التحرك لأن من واجبنا القيام بشيء فاعل وحيوي وإيجابي، وإني أحدثكم كزميل رافقكم في درب النضال الصناعي، ولكننا اليوم نتطلع الى أن يشمل تحركنا بلدان الإنتشار فالصراعات والتجاذبات القائمة على أرض لبنان لا وجود لها في تلك البلدان، وأن التعددية والتفاهم وقبول الآخر أكبر شهادة إعتزاز بلبنان".

وأضاف: "حينما ننفتح على مساحات بلدان الإنتشار نكون قد عملنا على "حث اللبناني على ضرورة العودة للارتباط بالجذور، لأنه ليس من المقبول على الإطلاق أن لا يكون هناك تواصل وإستمرار لحرمان اللبناني أينما وجد من الإنشداد الى وطنه الأم، ولكننا نريد أن نبث فيه روح التعلق بلبنان جيلا بعد جيل".

وتابع: "إذا كانت المؤسسة المارونية للانتشار التي لي شرف رئاستها في المرحلة الراهنة، قد إتسمت من حيث التسمية بـ"المارونية" فلا صبغة طائفية لها، وهي إحدى المؤسسات المنبثقة من البطريركية المارونية، ولا تستدعي أن يكون في نظامها علما وخبرا لأنها تختلف عن باقي الجمعيات، وهي تهتم بكافة مكونات المجتمع وبالإنسان اللبناني أينما وجد".

وأردف: "همنا يتمحور حول اللبنانيين المنتشرين في مختلف بلدان العالم، وكل ما نريده من خلال مهامنا على نطاق المؤسسة، العمل في الخارج لتأمين التواصل مع المغتربين، لأننا لا نريد أن تكون علاقتنا معهم مقتصرة على تأمين مصادر التمويل وحاجتنا اليه، ولأن هدفنا الأساسي توثيق الروابط مع من هم في الخارج، وحينما ترك اللبنانيون بلدهم منذ 100 عام من الهجرة، وهم من كل الطوائف، لم تكن لديهم مشاعر الغبطة والشعور لان هجرتهم كانت تحت وطأة الظروف القاسية، لذلك باتت الضرورة تقتضي التواصل معهم من جديد".

وقال: "تاريخنا يسجل كلما كنا على مفترق طرق، إصطفافا طائفيا بالمعنى الإيجابي أي أن كل طائفة تقف وراء الأخرى وتدعمها، وأمامنا فرص كثيرة الآن لتبقى سلسلة التواصل مستمرة، وما صورة التوافق بين كافة المكونات إلا ترسيخا لصيغة "لا غالب ولا مغلوب" وليس هناك "منتصر أو مكسور ومهزوم". وعلينا أن نعمل على بلورة صيغة متجددة تستند على رؤية معمقة وشاملة ترتكز بدورها على مبادىء قبول الآخر، لكن دون التخلي عن المبادىء والأصول، وأن نعيش مع بعضنا البعض في عيش واحد".

وأضاف: "نحن نشكل "خلطة" رائعة ومتجانسة نعيشها في بلدان الإنتشار، وهي على مدى واسع من ملايين الكيلومترات المربعة وتتخطى بكثير مساحة 10452 كلم2، التي نقيم عليها، وتعطي دلالة رمزية على الغنى الذي نمتلكه وعلينا أن نكون واعين وسط ما تشهده بلدان الجوار من مخاطر ناجمة عن ظروف إستثنائية وغير مألوفة، وإذا أردنا أن يصبح لبنان قيمة مضافة علينا العمل معا على تطويره وتطوير أسلوب حياتنا الإقتصادية والإجتماعية لنصبح طاقة قوية غير متفجرة".

وختم: "لا يسعني إلا تسجيل شكري وإمتناني لرئيس غرفة طرابلس ولبنان الشمالي على مبادرته الطيبة التي أتاحت لي فرصة اللقاء بإخواني أبناء طرابلس في جو اعتبره عائليا بكل ما لهذه الكلمة من دلالات".

تواصــــــــل معنا