جورج افرام في ذكراه العاشرة

ابرهيم حلاوي – النهار 30 تشرين الثاني 2016

 منذ أيام قليلة كانت الذكرى العاشرة لرحيل الصديق جورج أفرام، رجل التاريخ، فازدحمت المنابر بالكلمات والخطب التي تحاكي ذاكرة لبنان من خلاله. ومن سواك يا صديقي تضيق المنابر وتخجل الكلمات عند الحديث عنه. ولأنني لم أجد لنفسي مكاناً في زحمة الخطب. وجدت نفسي أمام حروف وكلمات تخط نفسها على الورق وفي ضميرها، كما في ضمير لبنان، هواجس ألاّ تفيك حقك.

فماذا أقول؟ وعن أي صفات أتكلم؟ أعلى عصاميتك أم مناقبيتك أم تعاليك عن مفاهيم حكمت لبنان وما زالت تحكمه كالمناطقية والطائفية والمذهبية؟

لم يكن لهذه الكلمات مكان في قاموسك، حتى جعلتني دوماً أتساءل: هل الرجال يحدّدهم الوطن أم الرجال، أمثالك، هم الذين يحدّدون الوطن؟ أم أنك يا صديقي، وبكل بساطة رجل بحجم وطن فلا يمكن التمييز بينكما؟

وما دام الكلام عليك يوازي الكلام على الوطن والتاريخ، فلن يكون كلامي سوى شهادة بسيطة لشاهد حي عايشك في مرحلة لبنان الحكم في الثمانينيات، لبنان المشاريع التنموية، حيث كنت تتولى وزارة الصناعة، ومن بعدها وزارة الطاقة، ومن ضمن أولوياتك تأمين الكهرباء لكل المناطق اللبنانية 2424، ولكن هذا النور الذي أردته للمناطق لم يكن سوى نور رؤياك لوطنك والذي أخاف الكثيرين ممن يغرقون في الشخصانية والفردانية، فبدأوا يتربصون بك، وهذا ما سمعته منك مراراً "بدُن يطيروني من المركز"، ولكن أي مركز وأنت قد تجازوت المراكز والمناصب والحدود. فحدودك الوطن ورتبتك العطاء وأملك الهوية الجامعة.

عندما التقيتك للمرة الأولى لم أكن أعرفك، ولكن كان لقاؤنا دوماً بالنسبة الي اللقاء الأول، لأنه يترك دائماً لدي أسئلة كثيرة أبحث عن أجاباتها في الموعد اللاحق. وأكثر هذه الأسئلة إلحاحاً في ذهني: لماذا يشتري جورج أفرام ابن كسروان أرضاً في الجنوب؟ وما هو مشروعه؟ لكن الإجابات جاءتني سريعة من دون أن أسعى وراءها، لأنه جورج الذي ينتمي الى الكل وليس الى فئة، وهكذا وضعتني أمام شخصية كان دوماً لقاؤها مصدر غنى حتى جعلتني أترقب دوماً ما ستقوم به .

بدأت يا صديقي طريقك الطوباوي في الأرض، ولأنّ الأرض لا تتسع لأمثالك رحلت لتكمل طريقك في السماء.

كن مطمئناً يا جورج فمسيرتك هنا لم تنتهِ، وهي في أيدٍ أمينة، العائلة وولدك نعمت الذي أرى فيه حبك لوطن نرجو، مع العهد الجديد الذي نضع فيه أملاً كبيراً أن يتمكن من تحقيق إنجازات أردتها أنت دائماً.

تواصــــــــل معنا