افرام من الأمم المتحدة: لإعلان عالميّ حول رسالة الإنسان ودعوتها

نيويورك - الأمم المتحدة 

خاطب المهندس نعمة افرام من على منبر الجمعيّة العامة للأمم المتحدّة وبكلمة وجدانيّة، 1700 من القادة الشباب قدموا من ثلاثين بلداً، بحضور كبار المسؤولين من البنك الدوليّ واليونيسيف ومنظمات التنميّة والعمل والمرأة والطاقة الدوليّة.

افرام الذي ألقى الكلمة الرئيسيّة في فعاليّات مؤتمر "نموذج الأمم المتحدة" أشار إلى انه آت "من الشرق الذي يشلّعه الحقد الأعمى وتنتهك فيه الأعراض وتغتصب فيه حقوق الإنسان كما في غير مكان من العالم. وفي الوقت عينه، آتيكم من عالم الأعمال في تلك المنطقة الملتهبة، منطقة الشرق الأوسط، حيث الفعاليّة والمثابرة هما السبيل إلى النجاح، وحيث النظام والمنطق هما شريعة الالتزام. فبينما ينتشر السواد من حولنا، نعيش نحن في خضمّ تحدّيات التمايز، نمتحن الاحتراف، ونتألّق في الإبداع. فيا للمفارقة".

وتطرّق افرام إلى " الصراع بين عالم البناء مقابل عالم الانحلال. عن هذا الصراع بين حضارة الحبّ وواقع الحقد، وهو صراع لا يستثني بعض مجتمع الأعمال". وذكرّ القادة الشباب انه "من الوجع الناشئ ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية انبثقت شرعة حقوق الإنسان في العاشر من كانون الأول العام 1948. وفي خضمّ خلافات فكريّة حادة بين معسكري العالم آنذاك، علا صوت آلام الشعوب وبات نقطة الالتقاء والقاسم المشترك بين الأيدولوجيّات المتنازعة، صدرت الشرعة".

أضاف:" يشرفني أن أذكّركم بأن الكثير من الفضل في ولادة هذه الشرعة يعود إلى مفكرّ فيلسوف من بلاد الأرز موطني، لبنان، هو الدكتور شارل مالك. وبالتعاون مع رئيسة لجنة حقوق الإنسان السفيرة الأميركيّة والسيدة الأولى إليونور روزفلت، بلور مالك النصوص وصاغها وحده وتفرّد في وضع مقدّمتها، ليترأس بعدها الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة بين 1958 و1959".

وشرح كيف انه " منذ ذلك الوقت نمت حقوق الإنسان وحققت إنجازات بارزة في تاريخ الإنسانيّة بالرغم من العراقيل التي اعترضت تطبيقها، ووصلت بها إلى مراحل لم تشهدها الحضارة البشريّة من قبل بفضل العقل العلمي والتفكير المبدع. فصار للفرد قدرة هائلة وتأثير كبير على المجتمع، وباتت البشريّة أسيرة قدرة الفرد ونفوذه...فتلاشت الحدود بين المقبول والممنوع، وبات كل منا، رجالاً ونساءً، مجرد سلسلة من الأرقام، وهدفاً للتلاعب، في استعادة للفترة التي برزت خلال الحربين العالميتين. صارت شرعة حقوق الإنسان مهدّدة، واتفاقيّات العمل والبيئة الدوليّة والمبادئ العشرة للمسؤوليّة الاجتماعيّة الدوليّة وغيرها عاجزة عن التعامل مع الوقائع المؤلمة في تراجع سلّم القيم".

افرام في كلمته دعا القادة الشباب إلى "الوقوف إلى جانب الحقّ والحقيقة والسير في النور رغم الظلام الحالك، والنموّ بالمعرفة والابداع بحبّ، القادرين على التغلب على الجهل والكراهية، وهنا يكمن دوركم في إحداث الفرق كل الفرق ". وتوجّه إليهم قائلا:" أعتقد أننا نواجه فترة تشبه تلك التي سبقت شرعة حقوق الإنسان. أراكم أيها القادة الشباب حاملين مشعل إعلان جديد خلال العقدين المقبلين. أرى فرصة جديدة ترتقي بنا إلى مكان لم نصل إليه من قبل. أرى البشرية على مشارف إعلان جديد أعمق من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إعلان يرتقي بالفرد والمجتمعات والأمم إلى مرتبة كونية هي مرتبة الوجود الإنساني، في ماهية رسالة الإنسان وغرضها ودعوتها".

وتساءل:" هل حقوق الإنسان هي الهدف النهائي أم أنها تخدم هدفاً أعمق لم يحدّده الإعلان؟ وهل يمكن للإنسانية أن تتفق على هدف أسمى للكون وتعزيز جوهر الحياة؟ أعلم أن المسار صعب، لكن ألم تكن مسيرة روزفلت والدكتور مالك في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان صعبة أيضاً؟ إني أراكم أيها القادة الشباب حاملين مشعل هذه الدعوة – الرسالة: رسالة الإنسان. إن نجحتم في ذلك، ستشكل تلك الرسالة حجر الزاوية لإنارة زوايا عتمة الأيديولوجيّات التي تشرذم الإنسانيّة. وعلى أساس هذه الرسالة، تبنى السياسات العمليّة والعامةّ، في تربية الأجيال وتحصين العائلات، في حماية البيئة وأخلاقيات المهن، في عمل المؤسّسات العامة، في العلاقات بين الدول، في مسالك العلوم والتكنولوجيا لخدمة الإنسانيّة لا التسبب في دمارها، في جعل السلام واقعاً لا خياراً أو حاجة، السلام الذي يأتي من القلوب ويبث الخير لجميع الكائنات".

وختم منادياً قادة المستقبل: "كونوا التغيير الذي نريد رؤيته. احملوا أيها القادة الشباب مشعل رسالة الإنسان الكونية. كونوا مصدر الوحيّ المرجوّ لجميع الأجيال القادمة. حققوا تطوراً جديداً في مسيرة البشريّة، تماماً كما فعل قبل 70 عاماً الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. قد لا يكون جيلي شاهداً على ذلك، لكني واثق أنّكم ستشكلون الدليل المرشد الذي سيقودنا نحو صياغة ذلك الإعلان الجديد في رسالة الإنسان".

Contact us